Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

النص الحلو

أي نوع من الأمهات أنت؟

بقلم الاعلامية / مريهان أبو لبن

إلى متى سوفَ نبقَى نعيشُ في عباءةِ التربيةِ الخاطئةِ التي تُقيّدُ طفلَكِ ماذا يختار؟ ماذا يحبُّ؟ ماذا يأكلُ؟ وماذا يدرسُ؟ اترُكي له بابَ الاختيارِ مفتوحاً في كلِّ شيءٍ مع توجيهاتِك له، كُوني واثقةً أنكِ تصنعينَ إنساناً له كيانُه واستقلاليّتُه، لكننا _للأسفِ_ تأخذُنا العاطفةُ والخوفُ عليهم؛ فنُقيِّدُهم بقوانينِ الأمومةِ، ونخافُ عليهم أنْ يجرِّبوا  ويختاروا، نَنهَرُهم عندَ التحدثِ أمامَ الآخَرينَ بطريقةٍ لا تُعجِبُنا! ونريدُهم أنْ يتعاملوا مِثلَنا كأنهم شباباً واعينَ! ننسَى أنهم أطفالاً؛ ولهم طريقتُهم التي يُعبِّروا عنها بالأسلوبِ الذي يريدونَه .

هل فكرت أيُّ نوعٍ من الأمهاتِ أنتِ؟ هل أنتِ من الأمهاتِ التي تَثِقُ باختياراتِ طفلِها، وتتركُ له المجالَ ليُقرّر؟َ هل تأخُذينَ برأيهِ وتُشعِريه أنكِ تستشيريه، وتُعجَبي بقرارِه؟ أَمْ من الأمهاتِ التي تُملي على ابنِها قراراتٍ وقواعدَ؛ وعليه أنْ يطبِّقَها؟ أَم يا تُرى من النوعِ الثالثِ التي كلُّ ما يَشغَلُ بالَها ترتيبُ وتنظيفُ بيتِها؟ وأكبرُ اهتماماتِها توَفّرُ له المأكلَ والمشربَ وكتابةَ الواجباتِ، ولا يلعبُ بالألعابِ كي يحافظَ على ترتيبِ البيتِ، أَم إنكِ من الأمهاتِ التي تؤمنُ بالصداقةِ بينَها وبينَ طفلِها؛ وعلاقتُكِ به أساسُها الحبُّ والصداقةُ؟

مشكلتُنا مع أبنائنا أننا نريدُهم أنْ يصبحوا نسخةً مِنّا؛ ينفِّذونَ ما نطلبُه منهم دونَ اعتراضٍ؛ يحبّونَ ما نحبُّ؛ ويكرهونَ ما نَكرهُ، يفكّرونَ بطريقتِنا؛ ويتحدّثونَ بأسلوبِنا، ويَقبلونَ ما نختارُ لهم، وكأنّهم حِكرٌ لنا؛ نَنسَى أنهم أشخاصٌ مستقِلّونَ بذاتِهم؛ ولكُلِّ طفلٍ شخصيتُه وتفكيرُه وإبداعُه، لماذا لا نسمحُ لهم أنْ يختاروا ما يريدونَ؟ ويُعبّروا عن آرائهم كيفما يشاءون؟ ونفتحُ لهم بابَ النقاشَ والمجادلةِ والردِّ؟ وبذلكَ نبني شخصياتٍ قويةً لها تأثيرُها ومكانتُها، أصحابُ قراراتٍ لا قوالبَ مِنّا، نحن ليس بحاجةٍ إلى نُسخٍ مكرّرةٍ.

شخصيةُ الطفلِ وسلوكُه؛ انعكاسٌ لتربيتِكِ له وتعامُلِكِ معه؛ فأنتِ التي تُشكّلينَهُ كيفَما تشائين، حاوِلي التقرُّبَ منه، وشارِكيه عالمَه الخاصَّ له، انْسي أنكِ تجاوزتِ الثلاثيناتِ والأربعيناتِ؛ وتخلّي عن خطوطِك الحمراءِ التي تجعلُ من طفلِك شخصيةً مُعقّدةً منطويةً، عيشي معه طفولتَه، وتصرَّفي بعُمرِه، وأحِبّي ما يحبُّ، وشجِّعيهِ على أبسطِ التصرّفاتِ، ابنِ بينَكِ وبينَه علاقةَ صداقةٍ؛ وسوفَ تَجدينَه يستمعُ لإرشاداتِكِ ونصائحِكِ بطريقةٍ لا تتوقعينها؛ وسوفَ يجدُ منكِ مَثلاً يحاولُ تقليدَه في كلِّ شيءٍ مع المراحلِ العمريةِ، وسوفَ يفكّرُ بطريقتِكِ، ويتذكّرُ ردّةَ فِعلِك في كلِّ موقفٍ يتعرضُ له وهو بعيدٌ عنكِ.

رَبِّ طفلَكِ لمُجتمعٍ مختلِفِ الشرائحِ؛ لمواقفَ سوفَ يتعرضُ لها؛ ويكونُ لوحدِه، لأشخاصٍ مختلفين عنه في طباعِهم وتفكيرِهم، وتذكّري دائماً أنكِ لن ترافِقيهِ إلى الروضةِ والمدرسةِ والعالمِ الخارجي، هيِّئي نفسيّتَه لمواجهةِ ما يتصوَّرُه عقلُه في عالمٍ أصبحَ مفتوحاً؛ ويُتوَقُّعُ منه كلُّ شيءٍ.

التربيةُ عالمٌ واسعٌ ومتجدِّدٌ، أنتِ تُربّينَ ابنَكِ حسبَ متغيّراتٍ مجتمعيةٍ، وعالَمٍ كلَّ يومٍ يُصَدِّرُ لكِ كلَّ ما هو جديدٌ.. في كلِّ المجالاتِ علينا كأُمّهاتٍ أنْ نوازنَ في التربيةِ، ونتخلّى عن بعضِ القواعدِ التي ترَبَّينا عليها؛ فهي لم تَعُدْ تتناسبُ مع ثورةِ التكنولوجيا والاتصالِ والتواصلِ؛ فلا تُقارني طفولتَكِ بطفولتِه؛ فالمتغيّراتُ مختلفةٌ اختلافاً جذريّاً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى