Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

مرآتي

 

الاعلامية :تنسيم المحروق 

الحب في زمن “الكورونا”

كان واقفاً بالباب منتظراً أن يُفتح، شاب في أواخر الأربعينات، زادته هيئته المرتبة وقاراً وهيبة، بدا وجهه سعيداً وهو يتأمل بطاقة بيده تشبه إلى حدّ كبير بطاقة دعوة، ولم يستطع كتمان ابتسامة قبل أن يطرق الباب من جديد..

لحظات وفتح الباب رجل ستيني راقٍ، بدا ذلك في ملابسه وشكل منزله والمكان الذي يقع فيه، كانت لحظة فتح الباب قطعة من عجائب اللقاءات! صدمة ممزوجة بالدهشة والسعادة، حوّلت ملامح وجهه من الوقار إلى فرحة طفل مبالغة!، بادله الشاب مشاعر الفرح باللقاء وكانت ابتسامتهما تكاد تبتلع المكان..

عبارات من الحب والشوق والفخر، وأسئلة شتى حول أسماء عدة، ربما أفراد العائلة أو الأصدقاء، ولمحات من الذكريات البعيدة والقريبة..

كانت الأقدام مرتبكة محرجة، تتقدم بضعة سنتيمترات وتعود للتأخر، والأذرع ممدودة في الهواء كأنها تحاول احتضان المسافة بدلاً من الشخص، الشوق شجعهما على إماطة الكمامة عن وجهيهما لكسر لعنة التباعد..

سلّم الشاب الرجل (الذي اتضح أنه صديق حميم لوالده المتوفى) بطاقة الدعوة بعد أن أكدّ له رشها بمحلول كحولي معقِم، ودعاه مستبقاً قراءته لها، لحضور زفاف نجله،

تأمل العجوز البطاقة وقلبها بين يديه وعلى وجهه ابتسامة ممزوجة بالدموع، رافقتها ترحّمات على الوالد وهو يتذكر فرحته بحفيده الأول الذي غدا اليوم عريساً..

ساد الصمت لحظة، ثم عادت الابتسامات والدعوات بالخير والسعادة المتبادلة مع دعوات بالصحة والعافية، وكلاهما لا يجرؤ على إنهاء اللقاء المحبب، حتى تنبه العجوز إلى أن والد العريس لا بد وأن يكون مشغولاً، رغم أنه صرح بأن رؤيته والحديث معه أثمن عنده من كل المهام، إذ يعوضه بركة وصباحة وجه والده..

بادر العجوز لإنهاء اللقاء بكلمات المباركة والتأكيد على الحضور والمشاركة، والألم يبدو واضحاً في وجهه كأنما ايقظته تعويذة مفاجئة، ووقف الشاب منتظراً أن يغلق الباب، وتظاهر بالابتعاد بضعة خطوات نحو سيارته، ثم رفع يده بالتحية، وختم صديق والده اللقاء بالاعتذار أنه لم يتمكن من احتضانه بقوة (لعن الله كورونا)..

أجاب الشاب بابتسامة لم تصمد بعد إغلاق العجوز الباب، فتحولت لدمعتين صامتتين، استدركهما بعد أن أفاق من تحديقه بالباب، ثم رفع الكمامة على وجهه وركب سيارته ومضى..

الحب صديق النجاح

أصيب زوجي بفيروس كورونا، واضطررنا لقضاء مدة الحجر التي استمرت 21 يوماً معاً نظراً لمخالطتنا له، ولأن أعراض المرض لم تكن شديدة عليه بحمد الله، قمت باستغلال هذه الأيام لإنجاز المهام المتراكمة، أو إعطاء المهام المستعجلة وقتاً أطول، والتصرف براحة، وتعويض العجلة وحالة الطوارئ التي كنت أعتمدها أيام العمل..

أصبح وقت الدراسة أطول وأكثر تركيزاً، ووقت اللعب أكبر، ووقت الطعام والأعمال المنزلية طبعاً أصبح لا يكتفي بالضروريات بل والكماليات الرفاهيّة..

ظهر أحد الأيام كنت مشغولة بإعداد وجبة طعام دسمة، تأمل زوجي المشهد ولاحظ كيف أصبحت أدللهم بأصناف الطعام التي تستهلك وقتاً وجهداً، ناهيك عن الحلوى..

قال لي معاتباً: لا يصحّ أن تضيعي هذه الأيام في الطبخ والتنظيف، يجب أن يكون لك مشروع خاص لتستغليها وتعملي عليه!

رغم أنني كنت أستمتع بهذه الفرصة الذهبية، إلا أن ملاحظته أسعدتني جداً، فقد حملت لي ترجمة عملية عن فكرته عن دوري، ودوره في نجاحي..

لم يكن هذا الأمر غريباً على زوجي الذي عودني على دعم نجاحي، وتشجيع عملي، ودفعي للإنجاز دفعاً..

لكنني في كل موقف أشعر بثقة أكبر وهمة أعلى، وأزداد يقيناً أن المحب الذي لا يدعم نجاح حبيبه ويذلل العقبات أمامه ويدفعه إلى المزيد ليس سوى ممثل يتستر بالحب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى