Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقاريررياديات

” تكات” هند الديراويةِ تعيدُ المختومَ كأكلةٍ تراثيةٍ بنكهةٍ شبابيةٍ

للخروجِ من جيشِ البطالةِ

 

برزتْ في الآوِنةِ الأخيرةِ أفكارٌ شبابيةٌ ملهمةٌ وجميلةٌ؛ تُصنّفُ ضمنَ إعادةِ هيكليةِ التراثِ في مواجهةِ الإشكالاتِ الشبابيةِ التي يعيشُها شبابُ قطاعِ غزةَ بفعلِ الحصارِ والاحتلالِ والانقسامِ، إذْ لجأَ الكثيرُ من الشبابِ للبحثِ عن مِهَنٍ موائمةٍ وغيرِ مُكلفةٍ للخروجِ من جيشِ البطالةِ؛ مستغلّينَ مواقعَ التواصلِ الاجتماعي في خدمةِ أفكارِهم وإنتاجِهم الشبابي.

الشابةُ هند مزيد (22 عامًا) ابنةُ مدينةِ دير البلح؛ واحدةٌ من أصحابِ المشاريعِ الشبابيةِ الجميلةِ، والتي تَجمعُ بينَ التراثِ في أكلةٍ تراثيةٍ فلسطينيةٍ؛ وبينَ حُبِّ مدينتِها دير البلح، التي تشتهرُ بزراعةِ البلحِ، وصناعةِ كافةِ المنتَجاتِ التي تندرجُ منه “كالتمورِ، والدّبسِ، والمجفّفاتِ”، إذ اختارتْ أنْ يكونَ “المختوم الفلسطيني”، مشروعَها الخاصَّ، بعد تخرُّجِها هذا العامَ من تخصُّصِ التعليمِ الأساسي.

طبقٌ مُغَذٍّ

تقولُ لـ “للسعادة “: بعدَ تخرُّجي من الجامعةِ؛ بدأتُ بالبحثِ عن أفكارٍ شبابيةٍ منتِجةٍ؛ يُمكِنُها أنْ تكونَ مصدرَ دخلٍ خاصٍّ بي، قبلَ الانضمامِ إلى جيوشِ البطالةِ، والحقيقةُ إنني أردتُ أن أُقدّمَ شيئًا مختلفًا ومشروعًا نوعيًا، يحاكي حُبّي لفلسطينَ، وحبِّي للتراثِ لاسيّما وإنني ابنةُ مدينةٍ زراعيةٍ تتوسطُ القطاعَ.

تضيفُ: بعدَ البحثِ اكتشفتُ أنّ كثيرينَ من أبناءِ الجيلِ الجديدِ لا يعرفونَ “المختوم”؛ حيثُ قمتُ بالسؤال عنه في إحدى المجموعاتِ الكبيرةِ؛ لأستنتجَ أنّ قلّةً يعرفونَه؛ وهنا كانت بدايةَ الفكرةِ، لاسيّما وأنّ أهلَ فلسطينَ؛ كبارَ السنِّ يعتدّونَ به كطَبقٍ مُغَذٍّ منذُ القِدمِ؛ إضافةً إلى أنه جزءٌ من ثقافةِ مدينتي.

“عجوةُ التمرِ، العسلُ، زيتُ الزيتونِ، حبّةُ البَركةِ، السّمسمُ”؛ كانت قديماً تقدَّمُ في فلسطينَ لِعليةِ القومِ، ولكبارِ الزوارِ؛ كأفضلِ غذاءٍ فلسطينيّ وصحي؛ كان يُطلَقُ عليها قديماً “المختوم” في إشارةٍ إلى أنّه أفضلُ ما يَملِكُه الفلسطيني في بيتِه.

             

وتتابعُ: المختوم، هو عبارةٌ عن كمياتٍ من التمرِ الناعمِ المطحونِ جيدًا، يضافُ إليه دِبسُ التمرِ، أو دبسُ الرمانِ، أو دبسِ أيِّ نوعٍ من أنواعِ الفاكهةِ؛ لتُمزجَ معها _بعدَ التجانُسِ_ كمياتٌ من المكسراتِ المتنوعةِ، إضافةً إلى السمسمِ وحبةِ البَركةِ، وزيتِ الزيتونِ؛ وهي وصفةٌ مفيدةٌ جدًا لتقويةِ العظامِ، وتنشيطِ الذاكرة، كونَها تحتوي على موادٍ غذائيةٍ مُهمةٍ، وهي إحدى وصفاتِ التسمينِ يتناولُها من يعانونَ النحافةَ الشديدةَ”.

تضيفُ: “أردت ُاستثمارَ شيءٍ أفهمُ فيه جيدًا، فأنا أُتقنُ صناعةَ “المختوم” مُذ كنتُ صغيرةً، علّمتْني الطريقةَ أمي، ولم يكنْ تحويلُ ذلك إلى مشروعٍ منزليّ بالأمرِ الصعبِ عليَّ”، مبينةً أنها تفضّلُ استخدامَ دبسِ البلحِ عن أيِّ أنواعٍ من دبسِ الفاكهةِ الأخرى؛ “لإقبالِ الناسِ عليه، ولأنه يجعلُ مذاقَ الخليطِ مميزًا ومستساغًا بالنسبةِ لكُل من يتذوقونه لأولِ مرة”.

صنعةُ كلِّ الشهورِ

تواصِلُ: بدأتُ مشروعي بمبلغِ (150) شيكلًا، ضِمنَ إمكاناتي وقدراتي، واعتمدتُ على صفحةِ الفيس بوك في تعريفِ الناسِ بالمُنتَجِ وطبيعتِه والتسويقِ له، مؤكِّدةً أنّها أرادت إحياءَ هذه الخلطةِ التراثيةِ الفلسطينيةِ بنَكهةٍ عصريةٍ؛ عبرَ إضافةِ بعضِ المُنكِّهاتِ عليها، التي تزيدُ من إقبالِ الجمهورِ عليها؛ وهو ما تَحقّق فعليًّا.تؤمن “مزيد” أنّ اختيارَها لصُنعِ “المختوم” كمشروعٍ ربحي كان ممتازًا؛ لعدّةِ أسبابٍ، على رأسها: قدرتُها على مواصلةِ صُنعِه في كلِّ شهورِ السنة، وليس في موسمِ البلحِ فقط؛ لأنها تأتي بالكمياتِ اللازمةِ من الرُّطبِ، وتصنعُ العجوةَ بنفسِها، وتُخزّنُها لهذا الغرضِ طيلةَ العامِ.

وتنوِّهُ: إنها طيلةَ حياتِها كانت تتناولُ “المختوم” الذي تصنعُه والدتُها في الموسمِ؛ ليبقَى على سفرتِهم العائليةِ طيلةَ شهورِ السنةِ، ولم يخطُرْ في بالِها مرةً واحدةً أنه من المُمكِنِ أنْ تُنهي دراستَها الجامعيةَ؛ ثُم تتَّجِهُ لبيعِ هذا المختومِ كمُنتَجٍ غذائي، إلّا أنّها عندما قامت بتجهيزِه وتعبئتِه في أوانٍ زجاجيةٍ، وعرَضتْهُ على صفحتها؛ حتى تواردتْ عليها عشراتُ الأسئلةِ عن سرِّ هذه الخلطةِ، ومكوّناتِها، وكيفيةِ الحصولِ عليها.

                 

وتجزمُ “مزيد” أنّ العملَ على مشروعٍ خاص، يمنحُ صاحبَه الكثيرَ من الخبراتِ والتغيّراتِ الإيجابيةِ في كافةِ المجالاتِ تُمكِّنُهم من ضبطِ انفعالاتِهم، تطويرِ خبراتِهم بالتعاملِ مع الآخَرين، وتعطيهِ القدرةَ على التعاملِ مع كلِّ أصنافِ المجتمعِ، وتقديرِ مقولةِ أنّ الناسَ أذواقٌ ، تغيّرُ نظرتَهم للحياةِ، شعورُهم بالإنتاجيةِ، ثقتُهم بأنفسِهم، قدرتُهم على المثابرةِ والتحدي.

تؤمنُ “هند” أنّ مشروعَ المختومِ هو حُلمُها وأملُها في ظِلِّ وضعِ قطاعِ غزةَ الراهنِ- أنها ما كانت لتَرى فرصةَ وظيفةٍ في المدَى المنظورِ، في ظلِّ ارتفاعِ نسبةِ البطالةِ إلى ما يزيدُ عن (54%) في صفوفِ الشبابِ الفلسطيني، وارتفاعِ نسبةِ الفقرِ إلى( 74%)، واعتمادِ (82%) من العائلاتِ في قطاعِ غزةَ على المساعداتِ الإغاثيةِ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى