القدسُ نادتْنِي أنا !

دخلتُ من بوابةِ دمشقَ الكبيرةِ (باب العامود)، لأنعطفَ يسارًا تُجاهَ طريقِ الواد، وأتخلَّى هذه المرةَ عن جولةٍ في طريقِ خانِ الزيت، ثُم أدخُلُ تُجاهَ طريقِ علاءِ الدين؛ المؤدِّيةِ لبابِ الحديدِ؛ الذي أدخُلُ عَبرَه إلى ساحاتِ المسجدِ الأقصى المباركِ، وبينما أنا في صراعٍ بينَ الدقائقِ والأذانِ، والسيرِ على عَجلٍ؛ استوقفَني ذاكَ الشيخُ الكبيرُ، ذو العباءةِ البيضاءِ، والحَطّةِ البيضاءِ، وكيسِه الأبيضِ المتوشِّحِ بالظلِّ، والذي كِدتُ أنْ أُهرْوِلَ بِسببِه لِلرجُلِ لأحمِلَ عنه الكيسَ، ولكنَّ شيئًا من الخوفِ أو الحياءِ دفَعني لِعدَمِ الفِعلِ.
المُهِمُّ أنه رجلٌ ذو هِمَّةٍ، سبَقني فدخلَ بابَ الحديدِ قَبلي، هو نادتْهُ القدسُ والأقصى فلبَّى النداءَ، ولم ينتظِرْ دفاعًا من أحدٍ، أو دعوةً للرِّباطِ تسُدُّ مكانَه، وهو معَ كلِّ مَن في الأَقصى.. وكلِّ الشبابِ المرابطِ، والنساءِ والأطفالِ، آثَرَ سجْدةً في المسجدِ الأسيرِ المُقتَحمِ على جلسةِ القُرفُصاءِ في زاويةِ بيتِه ! وكفاني وكفاهُ .. شرفُ تلبيةِ النداءِ .. فمَن يكفيهِ معَنا ؟
من مدونة / صفاء الخطيب